بالتزامن مع زيارة بلينكن: الآلاف في عمّان يهتفون لغزة ومنع مسيرات الحدود

من مظاهرة وسط البلد في عمان دعمًا لغزة. تصوير شربل ديسي

بالتزامن مع زيارة بلينكن: الآلاف في عمّان يهتفون لغزة ومنع مسيرات الحدود

السبت 14 تشرين الأول 2023

تظاهر أكثر من 10 آلاف أردني وأردنية وسط البلد في عمّان من بعد صلاة ظهر أمس الجمعة، نصرة لغزة ومقاومتها ورفضًا للعدوان الإسرائيلي المستمر عليها لليوم الثامن، وذلك بدعوة من «الملتقى الوطني لدعم المقاومة وحماية الوطن»، بعدما وجهت حركة المقاومة الاسلامية حماس دعوة أوسع إلى النفير العام في «جمعة طوفان الأقصى».

لكن قوات الأمن الأردنية منعت تظاهرات أخرى دعت إليها مجموعات شبابية وحزبية في بلدة الكرامة قرب الحدود الأردنية الفلسطينية، إذ وضعت الحواجز على الطريق ومنعت مرور المتظاهرين، ثم فرّقت بالغاز المسيل للدموع أقرب تجمع إلى بلدة الكرامة، اتخذ المتظاهرون طرقًا فرعية للوصول إليه. وذلك بعدما كانت وزارة الداخلية قد أعلنت يوم الخميس أنها لن تسمح بأي تجمهر أو تظاهر في مناطق الأغوار والحدود. 

وجاءت هذه المظاهرات في الوقت الذي وصل فيه وزير الخارجية الأمريكية، أنتوني بلينكن، إلى عمّان، ليلتقي الملك عبد الله الثاني ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، من أجل نقاش «هجمات حماس المروعة ضد إسرائيل، وجهود منع توسع النزاع»، على حد قول بلينكن.

الآلاف يتظاهرون في وسط البلد دعمًا لغزة. تصوير شربل ديسي.

مسيرة حاشدة في وسط البلد

كان «الملتقى الوطني»، الذي يتكون من عدّة أحزابٍ سياسية ونقابات وشخصيات مستقلة، قد دعا في البداية إلى التجمع في ساحة أمانة عمان الكبرى في راس العين، إلا أن قوات الأمن أغلقت الطرق المؤدية إليها منذ الساعة العاشرة صباحًا، ما عدا الطريق الأبعد عبر الوحدات، وكذلك الأمر بالنسبة للجهة المقابلة عند المسجد الحسيني الذي أغلق إلا من طريق رغدان. لذا، أعلن الملتقى عن تجمع المسيرة من أمام المسجد الحسيني في وسط البلد، تسهيلًا لقدوم المشاركين. ورغم تلك المعيقات، إلا أن أعدادًا من المتظاهرين، ومن بينهم الأهالي وأطفالهم، ملأت الشوارع منذ الساعة الحادية عشرة. 

وهتف المتظاهرون برفض عدوان «إسرائيل» والتطبيع، بما يشمل معاهدة وادي عربة واتفاقية استيراد الغاز «الإسرائيلي»، إلى جانب الهتافات الرافضة لوجود القواعد العسكرية الأمريكية في الأردن. كذلك احتفى المتظاهرون بحركة حماس وكتائب الشهيد عز الدين القسام، رافضين وصفها بـ«الإرهاب». كما هتفوا مرارًا «افتح الحدود»، تنديدًا بقرار وزارة الداخلية البارحة منع التجمعات والتظاهر في الأغوار والحدود الأردنية الفلسطينية.

وكان وفد من حزب جبهة العمل الإسلامي، وهو أحد أحزاب الملتقى الوطني، قد التقى بوزير الداخلية مازن الفراية يوم الخميس، حيث دار الحديث حول «ضرورة التنسيق مع الجهات الرسمية لإقامة المسيرات وخصوصا المطالب الشعبية بإقامة مسيرة كبيرة على الحدود الأردنية مع الكيان الصهيوني»، وفق ما قال أمين عام الحزب، مراد العضايلة.

وخلال تواجده أمس في المسيرة، أكد العضايلة على أن الحزب طالب بـ«إعادة التعبئة للجيش الشعبي وتسليح الشعب الأردني»، مفسرًا ذلك بما وصفه بالمؤامرة على فلسطين والأردن معًا. كما ندد بزيارة  وزير الخارجية الأمريكية، أنتوني بلينكن، للأردن، قائلًا إنه أتى بمؤامرة لطرد 4 مليون فلسطيني إلى أراضيهما من غزة والضفة، إلى الأردن ومصر، محذرًا الحكومة من عدم اتخاذ موقف صارم ضد هذه المخططات.

وأضاف العضايلة أن حضور الحشود بتلك الأعداد هو رسالة «وصلت لأهل القرار»، بالموقف الشعبي الداعم للمقاومة الفلسطينية، قائلًا إن هذا ينبغي أن يقوي الموقف الأردني أمام الضغوط الأمريكية التي تقود مشروع تدمير غزة وأهلها. 

الآلاف يتظاهرون في وسط البلد دعمًا لغزة. تصوير شربل ديسي.

وكان الملتقى الوطني قد عقد مؤتمرًا صحفيًا يوم الأربعاء، بحضور أمناء ستة أحزاب أردنية، دعت فيه رئيسة الملتقى رلى الحروب، الحكومات الأردنية والعربية للعودة عن كل الاتفاقيات التي أبرمتها مع دولة الاحتلال، والتي وصفتها بالمذلّة، قائلة إنها رهنت سيادة الأردن بالاحتلال و«كبّلت أيدينا وأرجلنا». 

وأشارت الحروب، وهي أمين عام حزب العمال، إلى أن خيارات التيارات السياسية الأردنية لنصرة الفلسطينيين في غزة ستتحدد بناءً على خيارات جيش الاحتلال، وأن الملتقى سيعلن عن فعاليات أكثر شدة في الأيام المقبلة. وذهبت إلى أن المقاومة الفلسطينية جعلتنا أمام إعادة صناعة المعادلات الفارقة في المنطقة، مؤكدةً على أن الشعب الأردني قادر على تغيير المعادلات. 

منع المسيرات قرب الحدود

أما قرب الحدود الأردنية الفلسطينية، فقد استجابت مجموعات من المتظاهرين لدعوات شبابية نشرت عبر تطبيقات تواصل اجتماعي للتجمع في عدة نقاط التقاء في إربد، الزرقاء، عمّان بشكل أساسيّ، وفي نقاط التقاء فرعية داخل هذه المدن، من أجل التظاهر عند نصب الجندي المجهول في بلدة الكرامة القريبة من الحدود الأردنية الفلسطينية الجمعة.

انطلقت مجموعات بالعشرات إلى الحدود عن طريقين رئيسيين؛ من محافظات الشمال عبر طريق الغور الأردني الذي يبعد قرابة 30 كيلو متر عن مركز مدينة إربد، ومن محافظات الوسط عبر طرق: السلط، العدسية، البحر الميت، الذي يبعد قرابة 50 كيلو متر عن العاصمة عمّان. لكن الأجهزة الأمنية كانت، ومنذ ساعات الصباح الباكر، قد أقامت نقاط غلق على الطريقين لمنع أي مسيرة باتجاه الحدود.

لم تكن تلك أول محاولة للتظاهر عند الحدود منذ بدء معركة «طوفان الأقصى»، إذ انطلقت مجموعة من قيادات من حزب جبهة العمل الإسلامي وجماعة الإخوان المسلمين يوم السبت الماضي للمشاركة في وقفة في منطقة الكرامة الأردنية قبل أن يوقفهم الأمن قبل 14 كيلومترًا من وصولهم.

يقول أحد المنظمين لمسيرة الحدود يوم أمس، الذي انطلق في مسيرة على الأقدام من إربد نحو نقطة الالتقاء، إن المكان الأمثل لمسيرات الدعم هو الحدود، ليكون الضغط على «إسرائيل» أوضح وأكبر. ويؤكّد أن دافعه الشخصيّ للمشاركة من أجل إيصال رسالة لـ«إسرائيل» مفادها أن «اللي صار بغزّة مش هيّن، أنا ما بيكون مسلم قبل ما أكون عربي إذا ما تحرّك فيّ إشي. نزلتي لتوصيل رسالة: إذا فيه سين من الناس مطبّع معك، مش معناه أنا مطبّع معك». 

منعت نقطة غلق من الأمن الأردني المسيرة من إكمال طريقها بعد ستة كيلومترات من المشي. فعاد المشاركون إلى مدينة إربد للتجمع مرة ثانية في أكثر من نقطة تجمع، وفي كل مرة تجمّعت فيها كان الأمن يطلب من المشاركين مغادرة المكان.

من محافظات الوسط، تجمع المئات في سيارات خاصة وحافلات للتوجه إلى الحدود عبر الطرق الرئيسيّة التي توصل إلى الكرامة وهي طرق العدسيّة، والبحر الميت، والسلط، ووادي شعيب، ليتفاجأوا أن الأمن قد أقام عدة نقاط غلق على هذه الطرق قبل الوصول إلى بلدة الكرامة بنحو 25 كيلو مترٍ تقريًبا. 

احتج المشاركون أمام نقاط الغلق، وصلّى بعضهم الظهر عند واحدة من هذه النقاط. ولم يطل الأمر حتى فرّقت قوّات الأمن المحتجين باستخدام الغاز المسيل للدموع، فيما اتخذت مجموعات صغيرة طرقًا زراعيّة وبين الهضاب المجاورة للالتفاف على هذه النقاط للوصول إلى الكرامة، لكنها لم تتمكن من الوصول بسبب كثافة التواجد الأمني التي توزعت من عمان وحتى الغور. 

وكانت مجموعات شبابية قد دعت إلى مسيرات مشابهة قبل عامين، خلال معركة «سيف القدس» عام 2021، وحاول بعض المشاركين حينها اجتياز الحدود الأردنية الفلسطينية، وتمكن شابان من إربد بعد المسيرة بعدة أيّام من اجتياز الحدود ودخول الأرض الفلسطينية المحتلة، قبل أن تعتقلهم قوات الأمن الإسرائيلي وتفرج عنهما لاحقًا.

قوات الأمن تفرق إحدى مجموعات المتظاهرين التي حاولت بلوغ بلدة الكرامة قرب الحدود الأردنية الفلسطينية. تصوير عمر شاع.

بلينكن يلتقي الملك وعباس

في عمّان، ووفق بيان للديوان الملكي الهاشمي، بحث الملك مع بلينكن «ضرورة فتح ممرات إنسانية عاجلة لإدخال المساعدات الطبية والإغاثية إلى قطاع غزة، وأهمية حماية المدنيين ووقف التصعيد والحرب على غزة»، مشددًا على ما أسماه «عدم ترحيل الأزمة إلى دول الجوار ومفاقمة قضية اللاجئين».

وحضر اللقاء، وفق الديوان، نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، ومدير مكتب جلالة الملك، جعفر حسان، ومدير المخابرات العامة اللواء أحمد حسني، والسفيرة الأميركية في عمان يائل لمبرت.

كما التقى نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، وزير الخارجية الأمريكي في اجتماع سابق، بحثا فيه «جهود وقف التصعيد الخطير وضرورة إيصال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة».

والتقى بلينكن كذلك محمود عباس الذي كان قد وصل عمّان الخميس. وبحسب وكالة الأنباء الفلسطينية وفا، فقد طالب عباس بـ«ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي على أبناء شعبنا بشكل فوري، وحمايتهم، والرفض الكامل لتهجير أبناء شعبنا من قطاع غزة، لأن ذلك سيكون بمثابة نكبة ثانية لشعبنا، وضرورة السماح بفتح ممرات إنسانية عاجلة لقطاع غزة».

وحضر اللقاء، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج، ومستشار عباس الدبلوماسي مجدي الخالدي، والسفير الفلسطيني لدى الأردن عطا الله خيري.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية